ديدو عضو الماسى
عدد الرسائل : 5622 نقاط : 8694 تاريخ التسجيل : 06/01/2008
| موضوع: من أسرار القرآن الثلاثاء مارس 13, 2012 8:46 am | |
| من أسرار القرآن (417) {... وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} (إبراهيم:5)
هذا النص القرآني الكريم جاء في بدايات سورة إبراهيم, وهي سورة مكية, وآياتها ثنتان وخمسون بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لما جاء فيها من تفصيل لدعوة عبد الله ورسوله ـ إبراهيم عليه السلام ـ للبلد الحرام, ولنفسه, ولذريته من بعده, وابتهاله إلي ربه, وشكره علي عظيم نعمه. ويدور المحور الرئيس لسورة إبراهيم حول قضية العقيدة, شأنها في ذلك شأن كل السور المكية. هذا وقد سبق لنا استعراض هذه السورة المباركة, وما جاء فيها من ركائز العقيدة, والإشارات العلمية, ونركز هنا علي وجه الإعجاز التشريعي في النص الذي اخترناه عنوانا لهذا المقال. من أوجه الإعجاز التشريعي في النص الكريم يقول ربنا تبارك وتعالي: ولقد أرسلنا موسي بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلي النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ( إبراهيم:5). وهذه الآية الكريمة جاءت بعد خطاب موجه إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم في مطلع السورة يقول له فيه ربنا تبارك وتعالي: الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلي النور بإذن ربهم إلي صراط العزيز الحميد ( إبراهيم:1). وفي هاتين الآيتين الكريمتين تأكيد علي وحدة رسالة السماء, وعلي الأخوة بين الأنبياء, وذلك انطلاقا من وحدانية الخالق سبحانه وتعالي, ومن الأخوة بين الناس جميعا الذين خلقهم ربهم من أب واحد وأم واحدة هما آدم وحواء (عليهما السلام). وفي الآية الأولي من هذه السورة الكريمة يوجه ربنا تبارك وتعالي الخطاب إلي خاتم الأنبياء والمرسلين- صلي الله عليه وسلم- بالأمر الإلهي: (لتخرج الناس), وفي الآية الخامسة يأتي الأمر الإلهي إلي موسي- عليه السلام- بقول ربنا تبارك وتعالي له: (أن أخرج قومك). وفي ذلك تأكيد علي عالمية الرسالة المحمدية الخاتمة, وعمومها بينما كانت كل الرسالات السابقة محدودة بحدود قوم كل منها أي: بحدود كل من الزمان والمكان. وفي قوله تعالي: ولقد أرسلنا موسي بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلي النور.. والتعبير القرآني (بآياتنا) هنا التوراة وعدد من الآيات الحسية (المعجزات) التي أيد الله تعالي بها عبده ورسوله موسي بن عمران (علي نبينا وعليه من الله السلام). وكذلك فإن في قول ربنا تبارك وتعالي لعبده موسي:.. أن أخرج قومك من الظلمات إلي النور.. وتعبير (قومك) هنا يشمل كلا من بني إسرائيل وأهل مصر, وكان كل منهم قد انحرف عن دين الله. ولفظة (الظلمات) مستعارة للكفر والشرك ولارتكاب ما يصاحب ذلك من المعاصي, كما أن لفظة (النور) تعبر عن الإيمان الحق, والتخلق بمكارم الأخلاق, والتحلي بطهارة السلوك. وقوله تعالي... وذكرهم بأيام الله... فيه دعوة إلي إزالة النسيان, ولما كان التذكير هنا مصاحبا بشيء من الإنذار والوعظ, أضيف حرف الباء علي كلمة أيام, ليصبح المعني: يا موسي ذكر قومك بأيام الله. تذكير عظة واعتبار بنعم الله تعالي عليهم. والمقصود بتعبير (أيام الله) هي أيام ظهور طلاقة قدرته للعيان, حين يهلك الكفار والمشركين, وينصر جنده من عباده المؤمنين, حتي لو لم تكن معهم الغلبة في العدد والعدة, وقد تكرر ذلك مرات عديدة عبر تاريخ البشرية علي الأرض, وإلا فالأيام كلها لله, لأنه هو تعالي خالق كل شيء, ومن مخلوقاته: الزمان والمكان. وفي قوله تعالي... إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور يعني: أن في التذكير بأيام الله- بكل ما وقع فيها من الابتلاءات والنعم- لآيات لكل صبار شكور, لأن الصبر مناسب لحالات الابتلاء, واللفظة (صبار) صيغة مبالغة من (صابر) أي شديد الصبر, و(شكور) أي كثير الشكر, وهو تعبير مناسب لحالات الإنعام الإلهي. وبينما الإنعام يحض النفس البشرية علي الشكر, فإن الابتلاء يدفعها إلي مخالفة هواها خشية الوقوع في المعاصي, والتعرض للعقاب الإلهي. وأيام الله تشمل يوم الجمعة الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم: خير يوم طلعت عليه الشمس, يوم الجمعة, فيه خلق آدم, وفيه أدخل الجنة, وفيه أخرج منها, ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة (صحيح مسلم/1977). وقال صلوات ربي وسلامه عليه: نحن الآخرون الأولون يوم القيامة, ونحن أول من يدخل الجنة, بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم, فاختلفوا, فهدانا الله إلي ما اختلفوا فيه من الحق, فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه, هدانا الله له- قال: يوم الجمعة- فاليوم لنا, وغدا لليهود, وبعد غد للنصاري (صحيح مسلم/1980). ومن أيام الله الأيام العشر من ذي الحجة, والتي قال فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما من أيام, العمل الصالح فيها أحب إلي الله, من هذه الأيام العشر, قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ (ابن ماجه/1727) ومن هذه الأيام العشر يوم عرفة الذي قال فيه المصطفي- صلي الله عليه وسلم: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبدا من النار, من يوم عرفة, وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة, فيقول: ما أراد هؤلاء؟{... وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} (صحيح مسلم/3288). وقال صلي الله عليه وسلم: صيام يوم عرفة, إني أحتسب أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده (ابن ماجة/1730). ومن أيام الله الليالي العشر الأخيرة من رمضان التي أقسم بها ربنا تبارك وتعالي وهو الغني عن القسم لعباده قائلا: والفجر وليال عشر (الفجر:2,1) وفيها ليلة القدر التي يقول فيها الحق جل جلاله:إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر* تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتي مطلع الفجر(القدر1-5). ومن أيام الله يوم عاشوراء الذي ذكره ابن عباس- رضي الله عنهما- قائلا: قدم النبي- صلي الله عليه وسلم- المدينة, فوجد اليهود صياما, فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم أنجي الله فيه موسي, وأغرق فيه فرعون, فصامه شكرا. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: نحن أحق بموسي منكم, فصامه, وأمر بصيامه. وقال فيه صيام يوم عاشوراء, إني أحتسب علي الله أن يكفر السنة التي قبله (ابن ماجة/1738,1734). ويبقي من أيام الله المباركة يوم الإثنين الذي فيه ولد خاتم الأنبياء والمرسلين, وفيه بعث, وفيه فاضت نفسه الزكية إلي بارئها, وإلا فالأيام كلها لله لأنه- تعالي- هو خالق كل شيء. ومن خلقه الزمان بمختلف وحداته.من مقالات الدكتور زغلول النجار
| |
|
أمنيه عضو الماسى
عدد الرسائل : 2452 نقاط : 4203 تاريخ التسجيل : 18/04/2010
| موضوع: رد: من أسرار القرآن الجمعة مارس 23, 2012 11:55 am | |
| | |
|