وتنظَّم بعض الدروس الدينية وحلقات القرآن خلال هذا
الشهر، ويقوم عليها بعض أهل العلم، وإذا لم يتوفر من يقوم بذلك يجتمع بعض
رواد المسجد على قراءة كتاب ما، وفي بعض الأحيان توجه الدعوة لبعض الخطباء
المعروفين لإلقاء بعض الدروس، وقد يتولاها بعض رجال الدعوة وهم كثر في تلك
البلاد، وقد توجه هذه الدعوة إلى العلماء من خارج الهند وخاصة من الدول
العربية، وأكثر ما يكون هذا في العشر الأخير من رمضان، وتعقد هذه الدروس
بعد صلاة العصر، أو أثناء التراويح، أو بعد الانتهاء منها .
والمسلمون في الهند يحافظون على سنة الاعتكاف، وخاصة
في العشر الأواخر من رمضان؛ وهم يولون عناية خاصة بليلة القدر على وجه أخص،
وهي عندهم ليلة السابع والعشرين. وهم يستعدون لإحياء هذه الليلة بالاغتسال
والتنظف ولبس أحسن الثياب، وربما لبس بعضهم الجديد من الثياب، احتفاءً
بهذه الليلة، وتقديرًا لمكانتها .
وفي هذه الليلة يختم القرآن في صلاة التراويح. ومن العادة عند مسلمي الهند
بعد دعاء ختم القرآن توزيع الحلاوة، وقد يوزعون شيئًا من السكر، أو نحو ذلك
من أنواع الحلوى. والعادة عند مسلمي الهند أن يقوم إمام المسجد بالنفث (
النفخ ) على تلك الأنواع من الحلوى كل يوم من أيام رمضان، بعد قراءة الجزء
من القرآن في صلاة التراويح، ويسمون هذا ( تبرك ) ويُكرم الإمام في هذا
اليوم غاية الإكرام، حيث يُلبس حلة جديدة، وتُقدم له الهدايا والأعطيات، كل
ذلك مقابل ما قام به من ختم القرآن في صلاة التراويح. وربما يسبق كلَ هذه
المراسم اتفاقٌ مسبق بين الإمام وأهل الحي على كل هذه الأمور !!.
ومن العادات المعهودة في صباح هذه الليلة - ليلة السابع والعشرين - عند
مسلمي الهند زيارة القبور، حيث يخرج الجميع إلى المقابر لزيارة موتاهم،
وقراءة ما تيسر من القرآن عند قبورهم .
والشباب المسلم في الهند ضائع بين بين؛ فريق فُتن بمظاهر الحياة العصرية،
فليس له من دينه إلا المظاهر والشكل فحسب، وهو فيما وراء ذلك لا يدري من
الأمر شيئًا، وأغلب هؤلاء الشباب من طبقة المثقفين. ويقابلهم فريق من
الشباب الجهال، الذين جهلوا دينهم، ولم يُحصِّلوا من علوم الدنيا شيئًا.
والغريب هناك أن فريقًا من هذا الشباب الضائع ينتهز الفرصة في ليلة القدر
لإزعاج الناس - مسلمين وغير مسلمين - الذين ليس من عادتهم السهر إلى وقت
متأخر من الليل، لذا تراهم يجولون في الشوارع والحارات يقرعون الأبواب بحجة
تنبيه الناس إلى إحياء هذه الليلة، ولهم أعمال غير ذلك هم لها عاملون !!
والمسلمون عامة في الهند يقدسون شهر رمضان غاية التقديس، ويحترمونه أشد
الاحترام؛ وهم يعتبرون كل ما يخل بحرمة هذا الشهر أمر منكر ومستنكر ومرفوض،
ولأجل هذه المكانة عندهم يحرص الجميع على مراعاة حرمة هذا الشهر، والإنكار
على كل من يسعى للنيل منها .
أما غير المسلمين فبعضهم يقيم حرمة لهذا الشهر، ويراعي مشاعر المسلمين فيه،
وربما اغتنموا هذه المناسبة ليباركوا لهم بقدوم هذا الشهر الكريم، أو
لدعوتهم إلى مائدة إفطار...وثمة آخرون لا يرعون حرمة لهذا الشهر، بل إنهم
يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ويسعون في إثارة المشاكل والفوضى
هنا وهناك .
والجمعة الأخيرة من رمضان تُسمى عند مسلمي الهند ( جمعة الوداع ) ويعتبر
المسلمون هناك هذه الجمعة مناسبة عظيمة للاجتماع والالتقاء، فترى الجميع قد
حزم أمتعته، وشد رحاله إلى أكبر مسجد في مدينة ( حيدر آباد ) يسمى عندهم (
مكة مسجد ) وهم يروون في سبب هذه التسمية قصة حاصلها: أن ملكًا مسلمًا قبل
خمسمئة عام قصد مكة للحج، وفي رحلة عودته أحضر معه حجرًا من مكة، وأمر
بوضعه ضمن بناء هذا المسجد، ثم بعد ذلك أخذ الناس يطلقون عليه هذا الاسم
لهذا السبب. وبعيدًا عن هذه القصة، تجتمع في هذا المسجد أعداد غفيرة من
المسلمين في هذه ( الجمعة الأخيرة ) بحيث تصل صفوف المسلمين وقت أداء
الصلوات قرابة ثلاثة كيلو مترات من كل جانب من جوانب المسجد، ولأجل هذا
الاجتماع تغسل الشوارع والساحات المجاورة لهذا المسجد ليلة الخميس السابقة
ليوم الجمعة الأخيرة من رمضان، كما ويُمنع مرور الناس في تلك الشوارع
والساحات المحيطة بهذا المسجد، ويبقى هذا الحظر ساري المفعول إلى وقت
الانتهاء من صلاة الجمعة