أهلاً
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أهلاً


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  أهلاً بيئتىأهلاً بيئتى  ألعابألعاب  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سمسم
عضو الماسى
سمسم


ذكر
عدد الرسائل : 2412
نقاط : 4225
تاريخ التسجيل : 05/11/2008

سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه Empty
مُساهمةموضوع: سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه   سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه Emptyالأحد ديسمبر 13, 2009 3:05 pm




سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه 11ve61hr0

سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه



اسمه – على الصحيح - :
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .

كنيته :
أبو بكر

لقبه :
عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب بـ " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم في الخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك

ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .

وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

مولده :
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر

صفته :
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

• فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها .

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

• وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

• ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

• وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

• وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

• وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

• وكان أبو بكر ممن يُـفتي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .

• وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

• ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخـاً له .
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

• وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .

• ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

• ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .

• وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .

• ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .

ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .

قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل

• وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيت أبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنه وعنها

قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد

أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، في موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذي عُرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات الله
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .

لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .

وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق

وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن

وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .

وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِـمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .

وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .

زهـده :
مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .

ورعـه :
كان أبو بكر رضي الله عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة

قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري .

وفاته :
توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة .

فرضي الله عنه وأرضاه
وجمعنا به في دار كرامته

أعلم بأنني لم أوفِّ أبا بكر حقّـه

فقد أتعب من بعده حتى من ترجموا له ، فكيف بمن يقتطف مقتطفات من سيرته ؟
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

تأملات في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه!! (2)
سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه 598443 سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه 598443 سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه 598443
سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه Icon_farao سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه Icon_farao سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه Icon_farao
سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه Icon_flower سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه Icon_flower سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه Icon_flower
دعوته وتضحياته !!
إن برهان الدعوة السابق في حياة أبي بكر أكبر من أن ترويه قصة ، والثمار التي أينعت بتلك الرجال لم ينبعث بها النوم هبة رباينة ، كلا ! وإليك شاهد عيان يحكي لك بعض مواقف النبلاء : روت عائشة ـ رضي الله عنه ـ أنه لما اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الظهور فقال : يا أبا بكر إنا قليل ، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته ، وقام أبو بكر في الناس خطيباً ، فكان أول خطيب دعا إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوه في نواحي المسجد ضرباً شديداً ، ووطيء أبو بكر وضرب ضرباً شديداً ، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ، ونزا على بطن أبي بكر رضي الله عنه حتى ما يُعرف وجهه من أنفه ، حتى حُمل رضي الله تعالى عنه في ثوب ودُخل به إلى منزله ولا يشكّون في موته ، ثم جعل والده وقومه يكلموه حتى أجاب آخر النهار ، وما زاد أن قال : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه وقالوا لأمه : أنظري تطعميه أو تسقيه فلما خلت به ألحت عليه وجعل يقول : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : والله ما لي علم بصاحبك ، فقال : أذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فسأليها عنه فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ، فقالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله ، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك ؟ قالت : نعم ، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً ، فدنت أم جميل ، وأعلنت بالصياح ، وقالت : والله إن قوماً نالوا منك لأهل فسق وكفر ، إنّني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم ، قال فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : هذه أمك تسمع ، قال : فلا شيء عليك منها ، قالت : سالم صالح ، قال : أين هو ؟ قالت : دار الأرقم ، قال : فإن لله علىّ ألا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله فأمهلتها حتى إذا هدأت الرّجل وسكن الناس ، خرجتا به يتكئ عليهما ، حتى أدخلتاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أكب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبّله ، وأكب عليه المسلمون ورقّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم رقة شديدة ، فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي يارسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي برّة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار ، قال : فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعاها إلى الله فأسلمت .وأنت ترى في هذا الموقف حرص الصديق رضي الله تعالى عنه على بلاغ هذا الدين ، والإعلان به ، والصدح على مسامع البؤساء بهذه الرسالة الخالدة ، لقد كان أبو بكر يعيش آثار الرسالة الحقيقية في قلبه ، وقد خالطت دمه ، وتخللت إلى روحه فلقي برد جمالها وروعتها فلم يجد بُداً من الصدح بها ولو كانت العواقب أكبر مما يتصوّر الإنسان ! وهل يمكن لإنسان على وجه الأرض أن يكتب لرسالته أثراً دون هم أو جهد أو حتى بلواء ومشقة ؟! لم تر عيني إلى هذا التاريخ ذلك ، ولا سمعته أذني في أخبار السابقين ، ولا رأيته وسماً لأحد من المخلوقين ! وهذا أبو بكر يبرهن على بعض هذه المعالم ، ويكتب ترجمة لتلك المعاني ، فلله دره ما أكبره ! والله دره ما أصبره ! ولله دره ما أروعه مثالاً يحتذى به على مسامع العالمين . والله المستعان ! إن الدعوة هي في أمس الحاجة إلى قدوة يعيشها ويحمل همها ، ويركض بها على أرض الله تعالى ، لا كما يتوهم البعض حين يتلبّس بها أنها مجرد نجاه لشخصه فحسب ! وهؤلاء لم ينتبهوا بعد من رقدتهم ، ولم يقوموا من نومهم ، فكفاهم غطيطاً يسمعه الناس ! إن دين الله تعالى مبني على المدافعة ، وكلما قويت هذه المدافعة قوي بها ، وزاد تمكيناً ، والأعداء يعتلون كثيراً حين لا يسمعون في الساحة صوت داعية ، ولا يرون على مشهد الأرض أثراً لأقدام المصلحين . لذا كان من المهم جداً أن يصدح أبو بكر بهذه الرسالة لعل في ذلك درساً بليغاً لهؤلاء أن في الساحة غيرهم ، وفي المكان سواهم .

إن حب الله تعالى وحب رسوله معلمان يدلانك على صدق النية ، وصحة المقصد ، ولك أن تتخيّل مشهد الدماء الدافقة ! والآلام التي يعيشها جسد أبي بكر ثم تخيّل أنه لا يفكر في آلام جسده ، بقدر ما يفكّر في خليله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! ليت شعري من يدعي هذه المحبة اليوم ثم يضحي بها لأجل دنيا عاجلة أو شهوات دانية ! ولك أن تتخيّل كذلك الدعاة والمصلحين والأخيار وتتأمّل فيهم لترى كم مساحة السنة في حياتهم ؟ لتعرف أن الفرق كبير جداً بين الواقع والحقيقة .

إذا لم تكن الدعوة حياةً في القلب لا يمكن البتة أن يكون لها ثمرة مورقة على ظهر الأرض . في أحلك الظروف ، وأقسى اللحظات لم ينس الصديق رضي الله تعالى عنه دعوة أمه إلى الإسلام ، فالحادث بكل ما يحمل من معاني لم يفلح في إيقاف تفكير الصديق لحظة عن رسالته وهمه وهدفه : "هذه أمي يارسول الله برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله تعالى" . إن استثمار الفرص صفة من صفات الكبار ، وأنت ترى مع كل ما نال أبا بكر في ذلك الحادث لم تشغله تلك الأحداث والظروف الصعبة التي يمر بها من اهتباله للفرصة ، واستثمار اللحظة في حينها ، "هذه أمي يارسول الله برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله "!

إن البر بالأمهات معلم من معالم الصالحين ، وأبو بكر يعطينا درساً غاية في الأهمية ، إن أعظم البر بالأمهات ليس خدمة لأعراض الدنيا فحسب ! وإنما دعوتها ، والحرص على دخولها جنات النعيم . والله المستعان ! على كل داعية أن يستوعب درس أبي بكر رضي الله عنه "هذه أمي يارسول الله برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله "! وليتأمّل كم هي مساحة الحرص في حياته على أهله وأبنائه ؟! كم هي المساحة الحقيقية التي تملأ قلبه حدباً عليهم ، وخوفاً على ضياعهم ؟! كم هي المساحة التي يستحقها هؤلاء في زحمة العولمة الطاغية في مثل هذه الأزمان ؟! ولندرك أن نجاح أبي بكر رضي الله عنه اتسم بسمة لا تكاد تراها في كثير من القدوات ، سمة التكامل والتوازن ، تلك الغاية التي إذا وصل إليها فرد من الناس فليبك فرحاً فليس في الأرض في مثل نعمته ! ومن استعرض حاله في ظل هذه السيرة أدرك بما لا يدع للشك أن نجاحه إن وجد فهو مخدوش بنقصه وضعف توازنه ، وقد لا يبعد أن يكون سؤاله في التفريط مثل عطاياه في النجاح . والله المستعان !

إن التخطيط والتنظيم سر من أسرار النجاح الحقيقي ليس في الدعوة فحسب ! بل في كل شيء ، وأم جميل بنت الخطاب تعطي الرجال الذين يقرؤون التاريخ درساً مهماً للغاية حين سألتها أم أبي بكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : ما أعرف أبا بكر ، ولا محمد بن عبد الله ، ذلك أن أم أبي بكر وقت ذلك السؤال لم تكن مسلمة بعد ، وخشيت أن تكون تلك المرأة عيناً لقريش على ثغر الإسلام الأعظم . وهل يمكن أن تكون امرأة في روح الجندية وفهم سياسات المرحلة أوعب من رجال ؟! إن التخطيط والتنظيم ليس سراً من أسرار الدعوة فحسب لكنه عقلها ولبها وحياتها وسر نجاحها .. والقائمون على الدعوة لا بد أن ينجح الواحد منهم في التخطيط لزكاء نفسه وربحها بين يدي الله تعالى في مواقف الآخرة ، ثم عليه بعد ذلك أن يخطط لمصير أمتة أو حياة مجتمعاته ؟! لو سألت بعضاً ممن يقوم على قياد الأمة هل خطط ليومه فضلاً عن أسبوعه أو شهره أو عامه لما وجدت مجيباً أو مسارعاً إلى ذلك ، وعيب على أمثال هؤلاء أن يتبوؤا صرح الأمة حتى لو كان من باب فروض الكفايات !

وتلك الدماء النازفة على جسد أبي بكر رضي الله عنه برهان ذلك الحب ، ولم يكن هذا الموقف في حياته فحسب ، بل كتب في حياته أروع التضحيات التي دونها التاريخ بمداد من ذهب ، إن الحب ليس كلمة باردة على لسان دعي . كلا ! وإنما هو مشاعر تكتظ في قلب صاحبها فتثير فيه أشجان المحب لمن يحب ، لقد كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه صورة من صور أولئك الرجال الذين أحبوا نبيهم صلى الله عليه وسلم وكتبوا برهان ذلك على أرض الواقع .. وإليك بعضاً من مشاهد التضحيات يحكيها شاهد عيان آخر : في حديث عروة بن الزبير رضي الله عنه قال سألت عمرو بن العاص بأن يخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبيه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال : " أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله . رواه البخاري .

وفي هذا الموقف ما يعطيك دلالة على أن الحب لم يكن مجرد مشاعر يكتظ بها القلب ثم لا تبرحه في مواقف مشرفة كهذه المواقف ، وأنا أكـتب هذا المساء عن موقف الصديق وهو يذود عن رسوله صلى الله عليه وسلم على أرض مكة ، وأرى اليوم الأذناب يسطون على شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا تجد الحب الخالد في قلوب الكثيرين يخرج في صورة مشروع للدفاع عنه صلى الله عليه وسلم ، ولم يعد كافياً البتة على مستوى الأمة الصراخ والشجب والعويل على كثير من القضايا ، فنحن في أمس الحاجة إلى مشروع يمكن أن يشعل فتيله فرد ممن يقدّر لنبيه صلى الله عليه وسلم قدره . إن هذه الأحداث التي تقرأها اليوم في سيرة أبي بكر رضي الله عنه ودفاعه عن نبيه صلى الله عليه وسلم لم تكن موقفاً واحداً ، وإنما كان ذلك رحلة عمر قضى فيها حياته مجاهداً في سبيل الله تعالى ..
وكم هي حاجة اليوم لإعادة بعض هذه المعاني لسيرة نبيها صلى الله عليه وسلم .. اليوم يُعبث في عالم القدوة على مرأى من المسلمين .. ! وكأن القوم أدركوا أنه لا سبيل لإماتة منهج هذه قدوته إلا بتشويه هذه القدوة ، والعبث بها ، أو قل إشفاء غل يتفيء قلوبهم حين يرون اتساع دائرة هذا الإسلام ، وآثار دعوة ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .. وفي مواقف أبي بكر ما يمكن أن يكون أسوة .. والله المستعان !

مشعل عبد العزيز الفلاحي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيرة حياة بلال بن رباح مؤذن رسول الله عليه الصلاة والسلام
» سيرة و حياة عثمان بن عفان
» موقف حدث لنبى الله محمد صلى الله عليه وسلم فماذا فعل
» قصص للعبره فى الضائقه تكلم الى الله .. أذكر الله
» وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أهلاً :: المنتدى الاسلامى-
انتقل الى: