واذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر

الكعبة
بيت الله وحرمه، وقبلة المؤمنين من عباده، قد طهرها الله من الرجس وحفظها
من كيد كل جبار وهي تمثل بناء مربعا يشبه حجره عالية البنيان مبنية
بالحجارة الزرقاء الصلبة ويبلغ ارتفاعها نحو 15م وبجدارها الشرقي ميل الى
الشمال نحو 20 درجة وكذلك جدارها الشمالي يميل الى الشرق (20 درجة) وطول
ضلعها الشرقي 11م و88سم وضلعها الغربي 12م و15 سم والجنوبي 10م و25 سم
والشمالي 9م و92 سم وفي الضلع الشرقي بابها وهو على ارتفاع 2م من الارض
ويصعد اليه بسلم كالمنابر وسلمها الحالي من الخشب المصفح بالفضة وهو لا
يوضع في مكانه الا اذا فتح بابها للزائرين وعلى الباب ستاره منقوشة ويحيط
بجدار الكعبة من اسلفها جدار من الرخام يسمى(الشاذوران) وفي الركن الجنوبي
الشرقي للكعبة من الخارج (الحجر الاسود) وهو على بعد متر ونصف من الارض.
وزوايا الكعبة تعرف بالاركان فالركن
الشمالي الشرقي يسمونه بالعراقي وبسامته من البلاد الجزء الاكبر من بلاد
الحجاز والعجم والتركستان والعراق وشمال الهند والصين واليابان وشرق
سيبيريا والركن الشمالي الغربي يسمى بالشامي ويواجهه من البلاد غرب روسيا
وجميع اوربا واميركا الشمالية وتركيا وبلاد المغرب ومصر الى الشلال والركن
الجنوبي الغربي (يسمى اليماني) وبسامته من البلاد الجزء الجنوبي من
افريقيا وامريكا الجنوبية والركن الجنوبي الشرقي يسمى بالاسود لان فيه
الحجر الاسود والحجر الاسود بيضوي الشكل منتظم لونه اسود ضارب الى الحمرة
وبسامت هذا الركن الجزء الجنوبي الشرقي من الحجاز واستراليا وجنوب الصين
وسيام وجاو والفلبين وجزائر الهند الشرقية.
والمسافة الواقعة بين ركن الحجر وباب
الكعبة يسمونها الملتزم وهو ما يلتزمه الطائف في دعائه وكان النبي(صلى
الله عليه وسلم) يدعو فيه.. وفي شمال الكعبة الحطيم وهو بناء مستدير على
شكل نصف دائرة وهو في الارض التي بين جدار الكعبة وركن الحطيم والمعروفة
بالحجر وفيه يصب ميزاب الرحمة الذي وضع في منتصف جدار الكعبة الشمالي
لتصريف ماء المطر على السطح.
ويواجه جدار الكعة الشرقي مقام
ابراهيم وشمالي المقام بقليل المنبر الرخامي وجنوبي المقام بئر زمزم اما
المطاف فهو ما يحيط بالكعبة وحوائط الكعبة الداخلية مغطاة بستار من الحرير
وسقف الكعبة منقوش بالنقوش العربية البديعة ومعلق بها هدايا الملوك
والامراء في مختلف الازمان.
وقد اختلف المؤرخون في اول من بنى
الكعبة فقال بعضهم ان اول من بناها الملائكة وقال بعضهم ادم وقال اخرون
شيت وقال غيرهم انه نوح!! والاصح ان اول من بنى الكعبة هو ابراهيم
الخليل(عليه السلام) وهذا راي ثقات المسلمين ويؤيده الكتاب والسنة في قوله
تعالى( واذا بؤنا لابراهيم مكان البيت ان لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي
للطائفين والقائمين والركع السجود-الحج-26).
وقد بناها (عليه السلام) في حوالي
القرن 19 ق.م بامر من الله عز وجل وبارشاد جبريل(عليه السلام) ومساعدة
ابنه اسماعيل الذي كان قد تركه وامه هاجر في موضع البيت الحرام فانبع الله
لهم زمزم عينا مباركة واتخذت هاجر بجوار زمزم مسكنا تاوي اليه ( ربنا اني
اسكنت ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم/ابراهيم37).
فلما امر الله ابراهيم(عليه السلام)
ببناء الكعبة اتخذ موضع بيت اسماعيل (عليه السلام) وكان اسماعيل قد بلغ
الثلاثين من عمره فزاره ابوه للمرة الثالثةوقال له ( ان ربي امرني ان ابني
له بيتا) قال اسماعيل(عليه السلام) فاطع ربك فقاما معا وجعل ابراهيم يبني
واسماعيل يناوله الحجارة فلما انتهى الى موضع الحجر الاسود من الركن قال
لاسماعيل ابغ لي حجرا مميزا حسنا اجعله علما للناس فجاءه بحجر وقد وضع
الحجر الاسود في موضعه الحالي فقال له اسماعيل : يا ابت من جاءك بهذا
الحجر قال: ارسله من لم يكلني اليك يا بني قد جاء به جبريل(عليه السلام)
هذا ولما فرغ ابراهيم من بناء الكعبة امره الله ان يؤذن في الناس بالحج
فقال: يا رب وما يبلغ صوتي قال: اذن وعلي البلاغ فصدع ابراهيم بامر ربه
واذن في الناس في قوله تعالى(واذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل
ضامر ياتين من كل فج عميق - الحج-27)
وفي القرن الثاني قبل الهجرة تقريبا
جدد بناء الكعبة قصي بن كلاب ولما حصل الحريق المشهور اجتمعت قبائل قريش
وتعاونوا على بنائها وهدموا ما كان موجودا منها حتى وصلوا الى اساس
ابراهيم وبنوا عليه حتى اذا ما بلغوا موضع الحجر الاسود اختلفوا في اي
القبائل تختص بوضعه في مكانه وكاد يقضي هذا بهم الى فتنة كبيرة لولا انهم
جعلوا الحكم لاول من يدخل الحرم فكان اول داخل رسول الله(ص9 فبسط ثوبه
وقال: لتمسك كل قبيلة بطرف منه ورفعوا حتى وضعه(صلى الله عليه وسلم) في
موضعه..
وفي سنة 64هـ 683م جدد بناء الكعبة
عبد الله بن الزبير وبناها على اساس ابراهيم وفي سنة 959هـ-1551م رممها
وغير سقفها السلطان سليمان العثماني واول من كسا الكعبة في الجاهلية ابو
بكر اسعد ملك حمير واول من حلاها عبد المطلب جد النبي واول من كساها
بالاسلام رسول الله(صلى الله عليه وسلم).
اما سدانة الكعبة خدمتها والقيام
بشؤونها فقدكانت في ولد اسماعيل(عليه السلام) ولما استولت جرهم على مكة آلت اليهم ثم انتقلت الى خزاعة ثم آلت بعد ذلك الى قصي بن كلاب فجعلها
لابنه عبد الدار من بعده ولم تزل ذريته في سدانة الكعبة الى ان انتقلت الى
عثمان بن طلحة ولما مات عثمان ولم يعقب صارت الى ابن عمه شيبه.